أحمد المنوفي يكتب: سماح.. اسمٌ على مُسمى

أحمد المنوفي
أحمد المنوفي

اسمٌ على مُسمى، من تسميتها تجدها شخصية متسامحة، عطوفة، ذات قلبٍ طيب، تُحب فعل الخير، نشيطة، لا تعرف الكسل..

تلك كانت شقيقتى سماح ، ابنة أمي وأبي، التى كانت بالنسبة لى أمًا ثانية، بعد رحيل ست الحبايب الحاجة زهية، رحمها الله، لقد كانت شقيقتى من أهل الجود والكرم، والصفح والعفو واللين، تُحسن معاملة الجميع، مَنْ يعرفها ومَنْ لا يعرفها، طيبة، مُتسامحة، تعلم قدر الناس ومقدار صنيعهم، وتتخذ من التساهل طريقًا فى جميع الأمور، وفوق كل ذلك، جعلها الله ملاكًا للرحمة، تمتهن التمريض، وهى بالطبع من المِهن الإنسانية؛ بسبب ارتباطها بصحة الإنسان، والحفاظ على حياته، وتخفيف معاناته وإحساسه بالألم، وهى من المهن الخمس التى أمرنا بها إسلامنا، ويحثنا عليها، فكانت نعم الأخت، ونعم الأم، ونعم الخَلق، ونعم الخِلقة، ونعم الخُلق.. 


سماح كانت تُضحى بحياتها من أجل زوجها وأولادها الثلاثة، ودائمًا تدعو الله، سبحانه وتعالى، أن يحميهم من كل مكروه قد يُصيبهم، وعندما يمرض أحد أولادها، تجدها لا تعرف للنوم طريقًا، قلقةً، تتوجَّس خِيفةً من أى تأوهٍ يصدر عنه، وكأنها تتوجَّع هى، تتخبَّط فى المكان الذى تقطنه صباح مساء، ولا يغمض لها جفنٌ حتى تستقر حالته، وربما تمرض، فتُخفى ما بها عن صغارها؛ لترسم الفرحة على وجوههم، كانت شقيقتى تخشى عليهم من هواء الطبيعة، وتقوم بواجبها فى رعايتهم بكل ما أُوتيت من قوة، كثيرًا ما حلمت أن تراهم كبارًا يُعينون أنفسهم وإن وهن جسدها وقصر أجلها، كل أمنياتها رؤيتهم سعداء، تدعو لهم وتفتخر بهم، ولا شىء يُحزنها أكثر من حزن أبنائها، وتوسَّلت ربها فى دعائها مرات ومرات، رؤية حفيدتيها فريدة وحبيبة لتفرح بهما وهما حولها، ومن فواجع القدر، عند معرفتك بأنها كانت تنتظر زفاف ابنها فهيم، فى شهر يوليو الجارى من العام 2022، وهو الشهر الذى لاقت ربها فيه، ثم ابنها الثانى عمر فى نهاية العام.


 لا تكفى الكلمات للتعبير عن أى مشاعر داخلى لكِ أختى الحنونة، ولا أحد يُشبهكِ يا سماح النفس والقلب، فأنتِ قمرنا المُضىء فى عتمة الظلام، وشمسنا المتوهجة فى وضح النهار، قلبك المرهَّف من أنقى القلوب، وخصالك الطاهرة من أفضل ما يكون، وكلامك المتزن من أصدق وأجمل وأدق العبارات التى كانت تتردد على مسامعى.. رحم الله شقيقتى سماح، وأرجو أن تُسامحنى وتُسامح كل من كان يعرفها وهى أهلٌ للسماح..